تحسين سلوك الجدران الحجرية في المنشآت التراثية باستخدام المونة الكلسية المحسنة”

  • Home
  • 5
  • news
  • 5
  • All News
  • 5
  • تحسين سلوك الجدران الحجرية في المنشآت التراثية باستخدام المونة الكلسية المحسنة”

تعتبر مسألة ترميم المنشآت التراثية والتاريخية بعد تعرضها للهزات الأرضية والأضرار الأخرى من أعقد التحديات الهندسية. يعود هذا التعقيد إلى التكوين غير المتجانس للمنشآت الحجرية التي تتضمن عناصر متنوعة، مما يجعل من الضروري إجراء تحليلات إنشائية دقيقة للعناصر الحاملة الرئيسية للأبنية التراثية. الهدف من ذلك هو تحديد القوى والإجهادات المتولدة في هذه العناصر، والتأكد من قدرتها على تحمل الأحمال المؤثرة عليها.
إن ترميم المنشآت الأثرية يعد جزءًا أساسيًا من عملية إعادة الإعمار التي ستشهدها سوريا في المستقبل القريب. وبما أن المنشآت الحجرية القديمة تشكل الجزء الأكبر من هذه المنشآت، فإن ترميمها يعتمد بشكل رئيسي على نوعية المونة المستخدمة. وعلى الرغم من ذلك، فإن الدراسات المحدودة حول خصائص الحجر الطبيعي و المونة الكلسية، والتوجه نحو استخدام المونة الإسمنتية في كثير من الأحيان، أدى إلى إغفال الأثر السلبي للمونة الإسمنتية على الحجر. كما تم تجاهل دور تحسين الروابط في تعزيز سلوك الجدران الحجرية.
في هذا الإطار، أجريت دراسة علمية في كلية الهندسة المعمارية في الجامعة الدولية الخاصة للعلوم والتكنولوجيا بهدف تحسين المواصفات الإنشائية للمونة الكلسية ودراسة تأثيرها في تعزيز سلوك الجدران الحجرية، وخاصة الجدران متعددة الورقات، تحت تأثير الأحمال الدورية.
تم تنفيذ تجارب مخبرية على الحجر الكلسي الطبيعي لتحديد مواصفاته الميكانيكية، كما تم تحضير خمسين خلطة من المونة الكلسية المحلية باستخدام مواد إضافية مثل البوزولان و الآجر و الألياف الزجاجية بنسب مختلفة، لدراسة تأثير هذه المواد على خواص المونة الميكانيكية.
في المرحلة الثانية، تم إجراء اختبارات على عينات جدارية مكونة من الحجر و المونة تحت تأثير الضغط والانحناء. وقد شملت التجارب عينات جدارية أحادية الورقة (single leaf) ومتعددة الورقات (multi leaf) لدراسة دور إضافة الألياف الزجاجية في تحسين سلوك الجدار.
كما تم توسيع الدراسة باستخدام نموذج رياضي باستخدام طريقة العناصر المحدودة (FEM)، مع التحليل اللاخطي الذي يأخذ بعين الاعتبار لا خطية المواد. تم استخدام برنامج Abaqus مع نموذج منفصل (micro model)، وتم معايرة النموذج الحاسوبي باستخدام نتائج التجارب المخبرية التي أُجريت بواسطة الباحث Abdo, S. (2003).
أظهرت الدراسة التحسن الكبير في السلوك الإنشائي للجدران الحجرية، سواء من حيث انخفاض الإجهادات أو زيادة المطاوعة وتبديد الطاقة الزلزالية عند استخدام المونة الكلسية المحسنة. كانت أبرز النتائج كما يلي:
• زيادة مقاومة المونة للضغط بنسبة 3.9 ميغاباسكال (MPa) عند إضافة الألياف الزجاجية، مقارنة بمقاومة المونة التقليدية التي كانت 1.2 ميغاباسكال.
• تحسين قدرة الجدران الحجرية ذات المونة المقواة على تحمل القوى الأفقية، حيث ساعد تحسين المونة على تقوية مقاومتها للقص من خلال تحسين التلاحم بين الأحجار والمونة.
• التأثير الكبير للألياف الزجاجية على الحد من التشققات، حيث أسهمت في تقليل الانكماش وتقليل تطور الشقوق الصغيرة، مما ساعد في توزيع الإجهادات ومنع تدهور الجدار.
• تحسين سلوك الجدران الحجرية تحت تأثير الأحمال الدورية، بما في ذلك تقليل المخاطر المتعلقة بالانهيار تحت تأثير الزلازل.

تبرز الدراسة أهمية استخدام المونة المحسنة كحل فعال لتحسين سلوك الجدران الحجرية في الأبنية التراثية، خاصة في مناطق معرضة للهزات الأرضية.
تشير الدراسة إلى ضرورة اعتماد المونة الكلسية المحسنة في عمليات الترميم المستقبلية للأبنية التراثية في سوريا، كونها توفر مقاومة أفضل للأحمال الدورية وتساهم في الحفاظ على التراث المعماري.
تؤكد الدراسة على أهمية التدعيم الهندسي للأبنية التاريخية على أسس علمية دقيقة، وتوفير حلول مستدامة في ترميم الأبنية القديمة.
أثبتت الدراسة أن المونة الكلسية المحسنة تمثل خيارًا فعالًا في ترميم المنشآت التراثية وتحسين سلوك الجدران الحجرية تحت تأثير الأحمال المختلفة، وخاصة في ظروف الزلازل. إن النتائج التي تم التوصل إليها تعكس تقدمًا هامًا في مجال الهندسة الإنشائية والترميم المعماري، مما يفتح المجال لتطوير تقنيات ترميم جديدة تعزز استدامة الأبنية التراثية وتحميها للأجيال القادمة.